للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وبتأخير السحور، مخالفة لأهل الكتاب وكما أمرنا بالصلاة في النعلين مخالفة لليهود وهذا كثير في العبادات وكذلك في العادات، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اللحد لنا، والشق لغيرنا"، وسن توجيه قبور المسلمين إلى الكعبة تمييزًا لها عن مقابر الكافرين، فإن أصل الدفن من الأمور المشروعة في الأمور العادية" (١).

ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت الغروب معللًا ذلك النهي بأنها تطلع وتغرب بين قرني شيطان وأنه حينئذ يسجد لها الكفار، ومعلوم أن المؤمن لا يقصد السجود إلا لله تعالى وأكثر الناس قد لا يعلمون (٢).

وروى البخاري عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أنها كَانَتْ تَكَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ المصلي يَدَهُ فِي خَاصِرَتِهِ وَتَقُولُ إِنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ (٣).

وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: "من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة" (٤).

وقال شيخ الإسلام: بعدما ذكر حديث: "من تشبه بقومٍ فهو منهم": "وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال: "من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة"، فقد يحمل هذا على التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرا أو معصية أو شعارا لها


(١) اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ١٧٨.
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ١٩٠.
(٣) أخرجه البخاري (٣١٩٩).
(٤) السنن الكبرى للبيهقي ٩/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>