للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتميت وتحيي وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة وأخذوا مأخذهم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع" (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ودعاء المقبور من أعظم الوسائل إلى ذلك وقد قدم بعض الشيوخِ المشرقَ وتكلم معي في هذا فبينت له فساد هذا فقال أليس قد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور". فقلت: هذا مكذوب باتفاق أهل العلم، لم يروه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد من علماء الحديث، وبسبب هذا وأمثاله ظهر مصداق قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ... "" (٢).

وقال أيضًا: "وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ " هذا خبر تصديقه في قوله تعالى: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} ولهذا شواهد في الصحاح والحسان وهذا أمر قد يسري في المنتسبين إلى الدين من الخاصة كما قال غير واحد من السلف منهم ابن عيينة، فإن كثيرا من أحوال اليهود قد ابتلى به بعض المنتسبين إلى العلم، وكثيرا من أحوال النصارى قد ابتلي به بعض المنتسبين إلى الدين كما يبصر ذلك من فهم دين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ثم نزله على أحوال الناس، وإذا كان الأمر كذلك فمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه وكان ميتا فأحياه الله


(١) زاد المعاد ٣/ ٦٠٥.
(٢) تلخيص كتاب الاستغاثة في الرد على البكري ٢/ ٥٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>