للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حتى إن بعض السَّلف كان عندهم في بيوتهم السَّتائر يكون فيها صُور الحيوان، ولا يُنكرون ذلك، ولكن لا شَكَّ أن هؤلاء الذين فعلوه من السَّلف كالقاسم بن محمد -رحمه الله- لا شكَّ أنه يُعتَذر عنهم بأنهم تأوَّلوا، ولا يحتجُّ بفعلهم؛ لأن الحُجَّة قولُ الله ورسوله، أو لم يبلغهم الخبر، أو ما أشبه ذلك من الأعذار" (١).

قال النووي: "أما اتخاذ المصور فيه صورة حيوان فإن كان معلقًا على حائط أو ثوبًا ملبوسًا أو عمامة أو نحو ذلك مما لا يعد ممتهنًا فهو حرام، وإن كان في بساط يداس ومخدة ووسادة ونحوها مما يمتهن، فليس بحرام ولكن هل يمنع دخول ملائكة الرحمة ذلك البيت فيه كلام نذكره قريبًا -إن شاء الله- ولا فرق في هذا كله بين ما له ظل وما لا ظل له.

هذا تلخيص مذهبنا في المسألة، وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وهو مذهب الثوري، ومالك، وأبي حنيفة وغيرهم" (٢).

أما ما جاء في حديث زيد بن خالد وفيه: "ثم اشتكى زيد فعدناه فإذا على بابه ستر فيه صورة" وفيه تعليل ذلك باستثناء الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إلا رقمًا في ثواب" فظاهره يدل على أن زيدًا يرى جواز تعليق الستور التي فيها الصور، وبسببه جوز بعض العلماء ما كان رقمًا في ثوب سواء امتهن أم لا، وسواء علق في حائط أو لا كما هو معروف من مذهب القاسم بن محمد (٣). والجمهور على أن الصور يراد بها صورة الشجر وما لا روح فيه ذكر ذلك النووي -رحمه الله- حيث قال: "قوله "إلا رقمًا في ثوب" هذا يحتج به من يقول بإباحة ما كان رقمًا مطلقًا كما سبق وجواب الجمهور عنه أنه محمول على رقم على صورة الشجر وغيره مما ليس بحيوان وقد قدمنا أن هذا


(١) الشرح الممتع ٢/ ٢٤٦.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم ١٤/ ٨١.
(٣) النووي ١٤/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>