للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن أبي ذر -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يرمي رجل رجلًا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك" (١).

ولما أورد القاضي عياض فصلًا عن المكفرات القولية، قال في مطلع هذا الفصل: "اعلم أن تحقيق هذا الفصل، وكشف اللبس فيه، مورده الشرع، ولا مجال للعقل فيه" (٢).

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "إن الكفر والفسق أحكام شرعية، ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل. فالكافر من جعله الله ورسوله كافرا، والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقًا، كما أن المؤمن من جعله الله ورسوله مؤمنا ومسلمًا، والعدل من جعله الله ورسوله عدلا، والمعصوم الدم من جعله الله ورسوله معصوم الدم، والسعيد في الآخرة من أخبر الله ورسوله عنه أنه سعيد في الآخرة، والشقي فيها من أخبر الله ورسوله عنه أنه شقي فيها ... والحلال ما حلله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله. فهذه المسائل كلها ثابتة بالشرع. وأما الأمور التي يستقل بها العقل فمثل الأمور الطبيعية، مثل كون هذا المرض ينفع فيه الدواء الفلاني، فإن مثل هذا يعلم بالتجربة والقياس وتقليد الأطباء الذين علموا ذلك بقياس أو تجربة" (٣).

ويقول ابن الوزير: "إن التكفير سمعي محض لا مدخل للعقل فيه" (٤).

ويقول أيضًا: "وأن الدليل على الكفر لا يكون إلا سمعيا قطعيا، ولا نزاع في ذلك" (٥).


(١) أخرجه البخاري (٦٠٤٥)
(٢) الشفا ٢/ ١٠٦٥.
(٣) منهاج السنة ٥/ ٩٢، ٩٣.
(٤) العواصم من القواصم ٤/ ١٧٨.
(٥) العواصم من القواصم ٤/ ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>