للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هكذا وبسطهما بسطًا وقال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله" (١).

فهذا يحتمل أن يكون في وقت الوداع، وأن يكون في غيره، ولكن قال مجاهد والشافعي بعده وغيرهما: "إنه يستحب أن يقف في الملتزم بعد طواف الوداع ويدعو".

وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يلتزم ما بين الركن والباب، وكان يقول: "لا يلتزم ما بينهما أحد يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إياه -والله أعلم-" (٢).

ولم يكن يتعلق بها تبركا بجدرانها بل استجارة بالله وخضوع له.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولما كانت الكعبة بيت الله الذي يدعى ويذكر عنده؛ فإنه سبحانه يُستجار به ويُستغاث به هناك. . . إلخ" (٣).

وقال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ: "أما التعلُّق بأستار الكعبة رجاءَ البركة: فهذا من وسائل الشرك، ويكون من الشرك الأصغر إذا اعتقد أن ذلك التبرك سببٌ لتحقيق مطلوبه، أما إذا اعتقد أن الكعبة ترفع أمره إلى الله، أو أنه إذا فعل ذلك عظم قدره عند الله، وأن الكعبة يكون لها شفاعة عند الله، أو نحو تلك الاعتقادات التي فيها اتخاذ الوسائل إلى الله -جل وعلا-، فإنَّ هذا التبرك -على هذا النحو- يكون شركًا أكبر؛ ولهذا يقول كثير من أهل العلم: إن التمسح بحيطان المسجد الحرام، أو بالكعبة، أو بمقام إبراهيم ونحوها؛ رجاء بركتها، هو من وسائل الشرك الأكبر، بل هو من الشرك الأصغر، كما قرر ذلك الإمام الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله" (٤).


(١) أخرجه أبو داود (١٨٩٩)، وابن ماجه (٢٩٦٢) وفي سنده المثنى بن الصبَّاح وهو ضعيف لكنه ينجبر بما قبله انظر زاد المعاد ص ٢٩٨.
(٢) زاد المعاد ٢/ ٢٩٨.
(٣) تلخيص كتاب الاستغاثة ٢/ ٥٤٨.
(٤) التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص ٦١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>