للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مع قطع الطمع عن إدراك كيفية الاتصاف، كما قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)} [طه: ١١٠] " (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ثم القول الشامل في جميع هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله وبما وصفه به السابقون الأولون، لا يتجاوز القرآن والحديث قال الإمام أحمد -رضي الله عنه-: لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- لا يتجاوز القرآن والحديث.

ومذهب السلف: أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ونعلم أن ما وصف الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاج، بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه، لا سيما إذا كان المتكلم أعلم الخلق بما يقول وأفصح الخلق في بيان العلم، وأفصح الخلق في البيان والتعريف والدلالة والإرشاد، والله سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته ولا في أفعاله، فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقية، وله أفعال حقيقية فكذلك له صفات حقيقية وهو ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وكل ما أوجب نقصا أو حدوثا فإن الله منزه عنه حقيقة، فإنه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، ويمتنع عليه الحدوث لامتناع العدم عليه واستلزام الحدوث سابقة العدم، ولافتقار المحدث إلى محدث، ولوجوب وجوده بنفسه سبحانه وتعالى. ومذهب السلف بين التعطيل والتمثيل. فلا يمثلون صفات الله بصفات خلقه كما لا يمثلون ذاته بذوات خلقه ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله فيعطلوا أسماءه الحسنى وصفاته العليا ويحرفوا الكلم عن مواضعه


(١) أضواء البيان ٣/ ٤١٠، ٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>