قال ابن تيمية رحمه الله:"وفي الدعاء المأثور "يا حي يا قيوم لا إله الا أنت برحمتك أستغيث، أصلح لى شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك"، والاستغاثة برحمته استغاثة به في الحقيقة كما أن الاستعاذة بصفاته استعاذةٌ به في الحقيقة، وكما أن القسم بصفاته قَسَم به في الحقيقة ففي الحديث: "أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق"، وفيه: "أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك"؛ ولهذا استدل الأئمة فيما استدلوا على أن كلام الله غير مخلوق بقوله: "أعوذ بكلمات الله التامة" قالوا: والإستعاذة لا تصلح بالمخلوق، وكذلك القسم قد ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت" وفي لفظ: "من حلف بغير الله فقد أشرك". رواه الترمذى وصححه، ثم قد ثبت في الصحيح الحلف "بعزة الله" و"لعمر الله" ونحو ذلك مما اتفق المسلمون على أنه ليس من الحلف بغير الله الذي نهى عنه"(١).
وقد ورد إلى الشيخ ابن باز رحمه الله سؤال يطلب فيه السائل التوفيق بين النهي عن الاستغاثة بصفة من صفات الله وبين حديث:"يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين" نرجو من سماحتكم توضيح هذا الإبهام؟ والله ولي التوفيق.
فأجاب رحمه الله بقوله:"لا يجوز سؤال الصفات، وإنما يوجه السؤال إلى الله سبحانه كما قال عزَّ وجلَّ:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، وقال سبحانه:{وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} والآيات في هذا المعنى كثيرة، أما الصفات فلا يجوز سؤالها، ولا يجوز الاستغاثة بها، فلا يجوز أن يقال: "يا علم الله انصرني، أو ارحمني، أو يا رحمة الله