للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بن أبي سفيان توسل بدعاء يزيد بن الأسود ولو كان التوسل بالذوات جائزًا وسائغًا عندهم لتوجهوا إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوسلوا بذاته ولكنهم تركوا ذلك وعدلوا عنه فاستسقوا بالعباس بن عبد المطلب كما روى أنس -رضي الله عنه- أن عمر -رضي الله عنه- كان إذا أقحطوا استستقى بالعباس فقال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا قال فيسقون" (١).

وكان من دعائه: "اللهم إنه لم ينزل بلاءٌ إلا بذنب ولم يُكشف إلا بتوبة، وقد توجه القومُ بي إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا عليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة؛ فاسقنا الغيث". فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض، وعاش الناس (٢).

قال الإمام الصنعاني: "إن عمر إنما جعل العباس إمامًا يدعو بهم، ويستسقى ويسأل الله، لاعتقاد عمر أنه مجاب الدعوة لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا أنه توسَّل به كما يتوسل القبوريون بالأموات، ولا قال عمر: أسألك بحق العباس، بل هو مثل طلب الصحابة النبي صلى الله عليه آله وسلم أن يستسقي لهم فهذا غير محل النزاع" (٣).

قال الشهاب الألوسي في كلامه عن هذه القضيه: "وحاشاهم -أي الصحابة- أن يعدلوا عن التوسل بسيد الناس إلى التوسل بعمه العباس وهم يجدون أدنى مساغ لذلك.

فعدولهم مع أنهم السابقون الأولون، وهم أعلم منا بالله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وبحقوق الله تعالى، ورسوله عليه الصلاة والسلام، وما يشرع من الدعاء وما لا


(١) أخرجه البخاري (١٠١٠).
(٢) فتح الباري: ٢/ ٥٧٧.
(٣) الإنصاف في حقيقة الأولياء ص ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>