للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢ - السؤال بحق الرحم: وهذا جائز، كقول الرجل "أسألك بالرحم أن تفعل كذا" وذلك لوجود سبب صحيح يقتضي السؤال به، وهو حق الرحم عليك، فالرحم لها حق عليك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن قيل: قد يقول الرجل لغيره "بحق الرحم" قيل: الرحم توجب على صاحبها حقًا لذي الرحم كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١]. وقد رُوي عن علي أنه كان إذا سأله ابن أخيه بحق جعفر أبيه. أعطاه لحق جعفر على علي" (١).

ولا بد أن يعلم أن سؤال الرجل لغيره بالرحم هذا توسل إليه بما يوجب صلته من القرابة التي بينهما. يقول ابن تيمية رحمه الله: "وأما قول الناس "أسألك بالله وبالرحم" وقراءة من قرأ {تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} فهو من باب التسبب بها، فإن الرحم توجب الصلة، وتقتضي أن يصل الإنسان قرابته، فسؤال السائل بالرحم لغيره يتوسل إليه بما يوجب صلته من القرابة التي بينهما ليس هو من باب الإقسام ولا من باب التوسل بما لا يقتضي المطلوب. بل هو توسل بما يقتضي المطلوب كالتوسل بدعاء الأنبياء وبطاعتهم والصلاة عليهم" (٢).

ومن هذا الباب ما يروى عن عبد الله بن جعفر أنه قال: "كنت إذا أحل سألت عليًّا -رضي الله عنه- شيئًا، فلم يعطنيه قلت له: بحق جعفر إلا ما أعطيتنيه. فيعطينيه" (٣).

فإن بعض الناس ظن أن هذا من باب الإقسام عليه بجعفر، أو من باب قولهم "أسألك بحق أنبيائك" ونحو ذلك وليس كذلك. بل جعفر هو أخو علي. وعبد الله


(١) مجموع الفتاوى ١/ ٢٢١.
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم ٢/ ٨٠١.
(٣) المعجم الكبير ٢/ ١٠٩، سير أعلام النبلاء ١/ ٢٠٨، الإصابة ١/ ٤٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>