للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجاءت زيادة "وشفعني في نفسي" ومعناها اقبل دعائي في نفسي واقبل دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فيَّ وأما ما فهمه البعض من هذا الحديث من جواز التوسل بذوات الصالحين فإنه خطأ بل هو توسل بشفاعته لا بذاته (١) كما كان الصحابة يتوسلون بدعائه في الاستسقاء كما توسل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بدعاء العباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد تقدم، وكذلك معاوية بن أبي سفيان توسل بدعاء يزيد بن الأسود ولو كان التوسل بالذوات جائزًا وسائغًا عندهم لتوجهوا للنبي في قبره.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "وفي بعض الروايات "يا محمد إني أتوجه" إلى آخره. وهذه اللفظة هي التي تعلق بها المشركون وليست عند هؤلاء الأئمة .... فقوله: يا محمد إني أتوجه الخ لم تثبت في أكثر الروايات. وبتقدير ثبوتها لا يدل على جواز دعاء غير الله، لأن هذا خطاب لحاضر معين يراه ويسمع كلامه، ولا إنكار في ذلك، فإن الحي يطلب منه الدعاء كما يطلب منه ما يقدر عليه، فأين هذا من دعاء الغائب والميت لو كان أهل البدع والشرك يعلمون" (٢).

ومن هنا يتبين أن الحديث ليس فيه ما يدل على جواز دعاء الموتى بل هو دعاء الله تعالى بتوجهه بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته كما دعى الله تعالى أن يشفع فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- لتقضي حاجته (٣).

ثم نقول أخيرًا أن هذه الحادثة يذكرها العلماء ضمن معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- في استجابة الله لدعاء نبيه -صلى الله عليه وسلم- ولا يذكرونها في جواز التوسل بالجاه والذات


(١) انظر: الاستغاثة في الرد على البكري: ص ٣٩٧.
(٢) تيسير العزيز الحميد ص ٢٤٦، ٢٤٧.
(٣) راجع قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ١٨٥ وما بعدها، والصواعق المرسلة الشهابية تأليف سليمان بن سحمان ١٦٣ وما بعدها، التوسل للمحدث محمد ناصر الألباني ص ٦٩ وما بعدها، وهذه مفاهيمنا ص ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>