للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأموات والطواغيت في رجاء مطالبهم من النصر والحفظ والرزق والشفاعة فهذا شرك أكبر فإن هذه الأمور ونحوها لا يقدر عليها إلا الله تبارك وتعالى.

الثاني: التوكل في الأسباب الظاهرة العادية كمن يتوكل على أمير أو سلطان فيما جعله الله بيده من الرزق أو دفع الأذى ونحو ذلك فهذا نوع شرك خفي.

والوكالة (١) الجائزة هي توكل الإنسان في فعل مقدور عليه. لكن ليس له أن يتوكل عليه وإن وكله. بل يتوكل على الله ويعتمد عليه في تيسير ما وكله فيه كما قرره شيخ الإسلام" (٢).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "التوكل على الغير فيما يتصرف فيه المتوكل بحيث ينيب غيره في أمر تجوز فيه النيابة فهذا لا بأس به بدلالة الكتاب والسنة والإجماع، فقد قال يعقوب لبنيه {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [يوسف: ٨٧] ووكل النبي -صلى الله عليه وسلم- على الصدقة عمالًا وحفاظًا، ووكل في إثبات الحدود وإقامتها، ووكل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في هديه في حجة الوداع أن يتصدق بجلودها وجلالها، وأن ينحر ما بقي من المئة بعد أن نحر -صلى الله عليه وسلم- بيده ثلاثًا وستين. وأما الإجماع على جواز ذلك فمعلوم من حيث الجملة" (٣).

وقال رحمه الله: "ومع وجود الأسباب الشرعية الصحيحة ينبغي للإنسان أن لا يعلق نفسه بالسبب بل يعلقها بالله، فالموظف الذي يتعلق قلبه بمرتبه تعلقا كاملا مع الغفلة عن المسبب وهو الله فهذا نوع من الشرك أما إذا اعتقد أن المرتب سبب والمسبب هو الله سبحانه وتعالى فهذا لا ينافي التوكل، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يأخذ بالأسباب مع


(١) الوكالة في الشرع: "إقامةُ الشخصِ غيَره مقام نفسه مطلقًا أو مقيدًا" فتح الباري ٤/ ٥٥٩، ٥/ ٢٠١.
(٢) تيسير العزيز الحميد ص ٤٩٧، ٤٩٨. وانظر مجموع الفتاوى لابن تيمية ١٠/ ٢٥٧.
(٣) شرح ثلاثة الأصول من مجموع فتاوى ابن عثيمين ٦/ ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>