للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما كانوا عليه من الأقوال والأعمال إنما أحدثه لهم جاهل، وإنما يفعله جاهل.

وكذلك كلما يخالف ما جاءت به المرسلون من يهودية، ونصرانية. فهي جاهلية، وتلك كانت الجاهلية العامة، فأما بعد مبعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد تكون في مصر دون مصر، كما هي في دار الكفار، وقد تكون في شخص دون شخص، كالرجل قبل أن يسلم، فإنه في جاهلية، وإن كان في دار الإسلام.

فأما في زمان مطلق: فلا جاهلية بعد مبعث محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين، على الحق إلى قيام الساعة.

والجاهلية المقيدة قد تقوم في بعض ديار المسلمين، وفي كثير من الأشخاص المسلمين، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية" (١).

وقال لأبي ذر: "إنك امرؤ فيك جاهلية" (٢) ونحو ذلك.

فقوله في هذا الحديث: "ومبتغ في الإسلام سنة جاهلية" يندرج فيه كل جاهلية، مطلقة، أو مقيدة يهودية، أو نصرانية، أو مجوسية، أو صابئة، أو وثنية، أو مركبة من ذلك، أو بعضه، أو منتزعة من بعض هذه الملل الجاهلية، فإنها جميعها مبتدعها ومنسوخها، صارت جاهلية بمبعث محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان لفظ "الجاهلية" لا يقال غالبًا إلا على حال العرب، التي كانوا عليها، فإن المعنى واحد" (٣).

وقال الشيخ الألباني - رحمه الله -: "وصفُ القرن العشرين بالجاهلية إنما ينطبق على غير المسلمين الذين لم يتبعوا الكتاب والسنة، ففي هذا الإطلاق إيهام بأنه لم يبقَ في المسلمين خير، وهذا خلاف ما سبق بيانه من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - المبشرة ببقاء طائفة من الأمة على الحق، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الإسلام بدأ


(١) أخرجه مسلم (٩٣٤).
(٢) أخرجه البخاري (٣٠)، ومسلم (١٦٦١).
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ٢٢٦ - ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>