وفي صحيحه أيضًا عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: أتى رسول الله أهل خيبر فقاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم وغلبهم على الأرض والزرع والنخل، فصالحوه على أن يجلوا منها ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله الصفراء والبيضاء والحلقة وهي السلاح ويخرجون منها، واشترط عليهم ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئًا، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد، فغيبوا مسكًا فيه مال وحلي لحيي بن أخطب كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير. فقال رسول الله لعم حيي - واسمه سعية -: ما فعل مسك حيي الذي جاؤوا به من النضير؟ قال أذهبته النفقات والحروب، فقال العهد قريب والمال أكثر من ذلك، وقد كان حيى قتل قبل ذلك، فدفع رسول الله سعية إلى الزبير فمسه بعذاب فقال: قد رأيت حييًا يطوف في خربة ها هنا، فذهبوا فطافوا فوجدوا المسك في الخربة، فقتل رسول الله ابني أبي الحقيق وأحدهما زوج صفية بنت حيى بن أخطب، وسبى رسول الله ذراريهم وقسم أموالهم بالنكث الذي نكثوا، وأراد أن يجليهم منها فقالوا: يا محمد دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها، ولم يكن لرسول الله ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، ولا يفرغون أن يقوموا، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع وتمر ما بدا لرسول الله، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عام يخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر، فشكوا إلى رسول الله شدة خرصه وأرادوا أن يرشوه، فقال عبد الله: أتطعمونني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي، ولأنتم أبغض الناس إلي من عدلكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على ألا أعدل عليكم. فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض. فكان رسول الله يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقًا من تمر كل عام وعشرين وسقًا من شعير فلما كان زمان عمر - رضي الله عنه - غشوا المسلمين وألقوا ابن عمر من فوق بيت ففدعوا يديه، فقال عمر: من كان له سهم بخيبر فليحضر حتى نقسمها بينهم فقسمها عمر - رضي الله عنه - بينهم، فقال