نجسًا، والحكم يعم بعموم علته، فإن قيل فالآية نبهت على دخولهم الحرم عوضًا عن دخول عباد الأوثان فإنه سبحانه قال:{هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} فإنها لما نزلت انقطع عنهم ما كان المشركون يجلبون إليهم من الميرة فأعاضهم الله بالجزية، قيل ليس في هذا ما يدل على دخول أهل الجزية المسجد الحرام بوجه ما، بل تؤخذ منهم الجزية وتحمل إلى من بالمسجد الحرام وغيره - على أن الإغناء من فضل الله وقع بالفتوح والفيء والتجارات التي حملها المسلمون إلى مكة.
فإن قيل: فالآية إنما منعت قربانهم المسجد الحرام خاصة، فمن أين لكم تعميم الحكم للحرم كله؟
قيل: المسجد الحرام يراد به في كتاب الله تعالى ثلاثة أشياء: نفس البيت، والمسجد الذي حوله، والحرم كله:
والثاني: كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} على أنه قد قيل إن المراد به ها هنا الحرم كله، والناس سواء فيه.
والثالث: كقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وإنما أسرى به من داره من بيت أم هانئ.
وجميع الصحابة والأئمة فهموا من قوله تعالى:{فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} أن المراد مكة كلها والحرم ولم يخص ذلك أحد منهم بنفس المسجد الذي يطاف فيه، ولما نزلت هذه الآية كانت اليهود بخيبر وما حولها ولم