للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حتى قال قائلهم:

قليل الألايا حافظ ليمينه ... وإن صدرت منه الألية برتِ

وعلى هذا {أَنْ تَبَرُّوا} معناه: أقِلِّوا الأيمان لما فيه من البر والتقوى، فإن الإكثار يكون معه الحنث وقلة رعي لحق الله تعالى، وهذا تأويل حسن ... " (١).

وقال ابن الجوزي رحمهُ اللهُ: "وفي معنى الآية ثلاثة أقوال ... :

الثالث: أن معناها لا تكثروا الحلف بالله وإن كنتم بارين مصلحين، فإن كثرة الحلف بالله ضرب من الجرأة عليه. هذا قول ابن زيد" (٢).

وفي تفسير قوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} قال في فتح المجيد:

"يقول ابن جرير رحمهُ اللهُ في معنى الآية: لا تتركوها بغير تكفير.

وذكر غيره من المفسرين عن ابن عباس يريد: لا تحلفوا. وقال آخرون: احفظوا أيمانكم عن الحنث (٣) فلا تحنثوا" (٤).

ثم بيَّن الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمهُ اللهُ أن القولين متلازمان فيلزم من كثرة الحلف كثرة الحنث مع ما يدل على الاستخفاف وعدم التعظيم لله وغير ذلك مما ينافي كمال التوحيد الواجب.

قال الشيخ السعدي في التفسير: "واحفظوا أيمانكم: أي الحلف بالله كاذبا وعن كثرة الأيمان، واحفظوها إذا حلفتم عن الحنث فيها، إلا إذا كان الحنث خيرا، فتمام الحفظ: أن يفعل الخير، ولا يكون يمينه عرضة لذي الخير" (٥).


(١) تفسير القرطبي ٣/ ٩٧. والبيت لكُثيِّر عزة وقوله: "حافظ ليمينه" وصفٌ منه بأنه لا يحلف.
(٢) زاد المسير ١/ ٢٢٨.
(٣) في مختار الصحاح: الحنث: الإثم والذنب، والحنث: الخُلْف في اليمين، وقال الراغب: وقيل حَنِثَ في يمينه إذا لم يفِ بها. انظر مادة (ح ن ث).
(٤) فتح المجيد ص ٥٨٧.
(٥) تفسير السعدي لقوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: ٨٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>