للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا، بل لولا رَوْح الرجاء لما تحركت الجوارح بالطاعة - ولولا ريحه الطيبة لما جرت سفن الأعمال في بحر الإرادات ولى من أبيات:

لولا التعلق بالرجاء تقطعت ... نفس المحب تحسرا وتمزقا

وكذاك لولا برده بحرارة الـ ... أكباد ذابت بالحجاب تحرقا

أيكون قط حليف حب لا يرى ... برجائه لحبيبه متعلقا

أم كلما قويت محبته له ... قوي الرجاء فزاد فيه تشوقا

لولا الرجا يحدو المطي لما سرت ... بحمولها لديارهم ترجو اللقا (١)

وقال رحمهُ اللهُ: "الخوف مستلزم للرجاء، والرجاء مستلزم للخوف فكل راج خائف، وكل خائف راج؛ ولأجل هذا حسن وقوع الرجاء في موضع يحسن فيه وقوع الخوف قال الله تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣)} [نوح: ١٣] قال كثير من المفسرين: المعنى ما لكم لا تخافون لله عظمة قالوا: والرجاء بمعنى الخوف، والتحقيق أنه ملازم له، فكل راج خائف من فوات مرجوه والخوف بلا رجاء يأس وقنوط" (٢).

وإذا كانت هذه هي أهمية الخوف والرجاء فإنهما لا يتأتيان إلا بالمحبة قال ابن

القيم رحمهُ اللهُ: "فكل محبة فهي مصحوبة بالخوف والرجاء وعلى قدر تمكنها من قلب المحب يشتد خوفه ورجاؤه، لكن خوف المحب لا يصحبه وحشه بخلاف خوف المسئ ورجاء المحب لا يصحبه علة بخلاف رجاء الأجير، وأين رجاء المحب من رجاء الأجير وبينهما كما بين حاليهما، وبالجملة فالرجاء ضروري


(١) مدارج السالكين ٢/ ٤٣.
(٢) مدارج السالكين ٢/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>