والسلام عليه عِنْدَ قبره، كما يفعله من بعدهم من الخلوف، وإنما كان عضهم يأتي من خارج فيسلم عليه إذا قدم من سفر، كما كان ابن عمر - رضي الله عنهما - يفعل، قال عبيد بن عمر عن نافع: كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه، ثم ينصرف.
قال عبيد الله:"ما نعلم أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك إلا ابن عمر"، وهذا يدل على أنه لا يقف عِنْدَ القبر للدعاء إذا سلم كما يفعله كثير".
قال شيخ الإسلام: "إن ذلك لم ينقل عن أحد من الصحابة، فكان بدعة محضة" وفي "المبسوط" قال مالك: "لا أرى أن يقف عِنْدَ قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن ليسلم ويمضي".
والحكاية التي رواها القاضي عياض بإسناده عن مالك في قصته مع المنصور وأنه قال لمالك: "يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أو أستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله يوم القيامة، بل استقبله واستشفع به يشفعه الله فيك". فهذه الرواية ضعيفة، أو موضوعة، لأن في إسنادها من يتهم - محمد بن حميد - ومن يجهل حاله.
ونص أحمد أنه يستقبل القبلة، ويجعل الحجرة عن يساره لئلا يستدبره وذلك بعد التحية والسلام عليه، فظاهر هذا أنه يقف للدعاء بعد السلام.
وذكر أصحاب مالك أنه يدعو مستقبلًا القبلة يوليه ظهره. وبالجملة فقد اتفق الأئمة على أنه إذا دعا لا يستقبل القبر" (١).