للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والنهار فدل نفس الحديث على أنه هو يقلب الزمان ويصرِّفه كما دل عليه قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} إلى قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [النور: ٤٣، ٤٤] " (١).

وقال رَحِمَه الله: "وأصل هذا الخبر أنه ورد على سبب وهو أن الجاهلية كانت تقول أصابني الدهر في مالي بكذا ونالتني قوارع الدهر ومصائبه فيضيفون كل حادث يحدث بما هو جار بقضاء الله وقدره وخلقه وتقديره من مرض أو صحة أو غنى أو فقر أو حياة أو موت إلى الدهر ويقولون لعن الله هذا الدهر والزمان ولذلك قال قائلهم:

أمن المنون وريبه تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع

وقال تعالى: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور:٣٠]. أي ريب الدهر وحوادثه وقال تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية:٢٤]. فأخبر عنهم بما كانوا عليه من نسبة أقدار الله وأفعاله إلى الدهر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسبوا الدهر" أي: إذا أصابتكم المصائب لا تنسبوها إليه فإن الله هو الذي أصابكم بها لا الدهر وأنكم إذا سببتم الدهر وفاعل ذلك ليس هو الدهر.

وقال أبو بكر الخلال سألت إبراهيم الحربي عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر" (٢). وعن: "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر" (٣) قال كانت الجاهلية تقول: الدهر هو الليل والنهار يقولون الليل والنهار فعل بنا كذا فقال الله تعالى أنا أفعل ليس الدهر" (٤).

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "ولهذا قال في الحديث: "وأنا الدهر بيدي


(١) مجموع الفتاوى ٢/ ٤٩١.
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٤٦)، ومسلم (٦١٨١).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية ١/ ١٢٥،١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>