للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. "وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري: أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟ " (١).

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله -: "قوله: "وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ... " الحديث. الذمة: العهد. وتخفر: تنقض. يقال: أخفرت الرجل: إذا نقضت عهده، وخفرته: أجرته، ومعناه: أنه خاف من نقض من لم يعرف حق الوفاء بالعهد، كجهلة الأعراب، فكأنه يقول: إن وقع نقضٌ من متعد، كان نقض عهد الخلق أهون من نقض عهد الله تعالى. والله أعلم" (٢).

ومعنى "تجعل لهم ذمة الله" أي: تجعل لهم عهد الله وميثاقه. وفي الحديث في دليل على وجوب حفظ العهد والوفاء به والحذر من التعرض للأحوال التي يخشى منها نقض العهود والإخلال بها بعدما يجعل للأعداء المعاهدين ذمة الله وذمة رسوله.

قال السعدي: "فإنه متى وقع النقض في هذه الحال كان انتهاكًا من المسلمين لذمة الله وذمة نبيه، وتركًا لتعظيم الله، وارتكابًا لأكبر المفسدتين كما نبه عليه - صلى الله عليه وسلم -، وفي ذلك تهوين لدين الإسلام وتزهيد للكفار به، فإن الوفاء بالعهود خصوصا المؤكدة بأغلظ المواثيق من محاسن الإسلام الداعية للأعداء المنصفين إلى


(١) أخرجه مسلم (١٧٣١).
(٢) فتح المجيد ص ٨٢٣، ٨٢٤ من الطبعة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>