للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور وحسن الظن هو الرجاء، فمن كان رجاؤه جاذبًا إلى الطاعة زاجرًا له عن المعصية فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاء أو رجاؤه بطالة وتفريطا فهو المغرور وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ} [البقرة:٢١٨]. فتأمل كيف جعل رجاءهم بإتيانهم بهذه الطاعات ... وسر المسألة أن الرجاء وحسن الظن إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله في شرعه وقدره وثوابه وكرامته فيأتي العبد بها ثم يحسن ظنه بربه ويرجوه أن لا يكله إليها وأن يجعلها مُوصِولةً إلى ما ينفعه ويصرف ما يُعَرِّضُها للحبوط ويُبطِل أثرها ... ومما ينبغي أن يعلم أن من رجا شيئا استلزم رجاؤه ثلاثة أمور:

أحدها: محبته ما يرجوه.

الثاني: خوفه من فواته.

الثالث: سعيه في تحصيله بحسب الإمكان، وأما رجاء لا يقارنه شيء من ذلك فهو من باب الأماني والرجاء شيء، والأماني شيء آخر فكل راج خائف الله سبحانه وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن" (١).

وقد ذكر ابن القيم إحدى عشرة فائدة للرجاء، أهمها: إظهار العبودية والفاقة، والحاجة، ومنها الانتظار والترقب والتوقع لفضل الله مما يوجب التعلق بذكره، ودوام الالتفات إليه بملاحظة أسمائه وصفاته (٢).


(١) الجواب الكافي ٤٦ - ٤٨.
(٢) مدارج السالكين ٢/ ٥٠، ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>