للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ" وَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَالَهُنَّ ثُمَّ مَاتَ تَحْتَ لَيْلَتِهِ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ" (١).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "في هذه الآية الكريمة (٢) وصف الله تعالى الخلص من عباده بأنهم يدعون الله تعالى رغبًا ورهبًا مع الخشوع له، والدعاء هنا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة، فهم يدعون الله رغبة فيما عنده وطمعا في ثوابه مع خوفهم من عقابه وآثار ذنوبهم، والمؤمن ينبغي أن يسعى إلى الله تعالى بين الخوف والرجاء (٣)، ويغلب الرجاء في جانب الطاعة لينشط عليها ويؤمل قبولها، ويغلب الخوف إذا هم بالمعصية ليهرب منها وينجو من عقابها.

قال بعض العلماء: يغلب جانب الرجاء في حال المرض وجانب الخوف في حال الصحة؛ لأن المريض منكسر ضعيف النفس وعسى أن يكون قد اقترب أجله فيموت وهو يحسن الظن بالله عزَّ وجلَّ، وفي حال الصحة يكون نشيطا مؤملا طول البقاء فيحمله ذلك على الأشر والبطر فيغلب جانب الخوف ليسلم من ذلك.

وقيل: يكون رجاؤه وخوفه واحدا سواء لئلا يحمله الرجاء على الأمن من مكر الله، والخوف على اليأس من رحمة الله وكلاهما قبيح مهلك لصاحبه" (٤).

فالرغبة من أنواع العبادة التي يجب صرفها الله وحده.

قال ابن قاسم في الرغبة والرهبة والخشوع أنها: "عبادات قلبية من أجل العبادات وصرفها لغير الله شرك أكبر" (٥).


(١) أخرجه البخاري (٦٣١٥).
(٢) يعني قوله تعالى: {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: ٩٠].
(٣) سوف يأتي تفصيل ذلك في باب: "الخوف".
(٤) شرح ثلاثة الأصول من مجموع فتاوى ابن عثيمين ٦/ ٥٥، ٥٦.
(٥) حاشية ثلاثة الأصول لابن قاسم ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>