للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوم القيامة: أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملًا أشرك فيه غيري فهو كله للذي أشرك به" وهذا هو معنى قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} " (١).

وقال الإمام ابن رجب في جامع العلوم والحكم: "واعلم أن العمل لغير الله أقسام، فتارة يكون رياء محضًا، فلا يراد به سوى مراءاة المخلوقين لغرض دنيوي، كحال المنافقين في صلاتهم قال الله عز وجل: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ} [النساء: ١٤٢]، وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} وكذلك وصف الله الكفار بالرياء المحض قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} [الأنفال: ٤٧] وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة، أو الحج أو غيرهما من الأعمال الظاهرة أو التي يتعدى نفعها، فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة.

وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء، فإن شاركه من أصله، فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه أيضا وحبوطه، ثم ذكر أحاديث تدل على ذلك، منها حديث أبي هريرة السابق، وحديث شداد بن أوس مرفوعًا: "من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك، فإن الله عز وجل يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي فمن أشرك بي شيئًا فإن جسده وعمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به أنا عنه غني" رواه أحمد. وحديث الضحاك بن قيس مرفوعا إن الله عز وجل يقول: "أنا خير شريك، فمن أشرك معي شريكًا، فهو لشريكه


(١) إعلام الموقعين (٢/ ١٨١، ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>