وكذلك روي عن سليمان بن داود الهاشمي أنه قال: ربما أُحدِّث بحديث ولي نية، فإذا أتيت على بعضه تغيرت نيتي، فإذا الحديث الواحد يحتاج إلى نيات.
ولا يرِد على هذا الجهاد كما في مرسل عطاء الخراساني، فإن الجهاد يلزم بحضور الصف ولا يجوز تركه حينئذ فيصير كالحج، فأما إذا عمل العمل لله خالصًا ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بذلك بفضل الله ورحمته، واستبشر بذلك لم يضره ذلك، وفي هذا المعنى جاء حديث أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الرجل يعمل العمل لله من الخير يحمده الناس عليه فقال:"تلك عاجل بشرى المؤمن "خرجه مسلم، وخرجه ابن ماجه وعنده "الرجل يعمل العمل فيحبه الناس عليه"؛ ولهذا المعنى فسره الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وابن جرير الطبري وغيرهم، وكذلك الحديث الذي خرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلًا قال: يا رسول الله الرجل يعمل فيُسِرُّه فإذا اطلع عليه أعجبه فقال: "له أجران أجر السر وأجر العلانية"، ولنقتصر على هذا المقدار من الكلام على الإخلاص والرياء، فإن فيه كفاية" (١).
وفي المنثور للزركشي يقول: "والرياء آفة كل عبادة، قال الحليمي: ثبت بالكتاب والسنة أن كل عمل أمكن أن يراد به وجه الله تعالى إذا لم يعمل لمجرد التقرب به إليه وابتغاء رضاه حبط ولم يستوجب ثوابًا، إلا أن فيه تفصيلًا وهو أن العمل إذا كان فرضًا فمن أداه وأراد به الفرض غير أنه أداه بنية الفرض ليقول الناس أنه فعل كذا لا طلبًا لرضا الله سقط عنه الفرض، ولم يؤاخذ به في الآخرة، ولم يعاقب بما يعاقب به تاركًا البتة ولكنه لا يستوجب ثوابًا، وإنما ثوابه ثناء الناس عليه في الدنيا - وإن كان تطوعًا ففعله يريد به وجه الناس فإن أجره يحبط ولا