للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إيمانه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن". وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: "تلك عاجل بشرى المؤمن"" (١).

وقال الشيخ صالح آل الشيخ: "العلماء فصلوا في ذلك فقالوا: الرياء - إذا عزَّض للعبادة - له أحوال:

الحالة الأولى: أن يعرض للعبادة من أولها، فإذا عرض للعبادة من أولها فإن العبادة كلها باطلة، كأن ينشئ الصلاة لنظر فلان، فهو لم يرد أن يصلي، لكن لما رأى فلان ينظر إليه صلى، فهذا عمله حابط يعني أن الصلاة التي صلاها حابطة وهو مأزور على مراءاته ومرتكب الشرك الخفي، الشرك الأصغر.

والحالة الثانية: أن يكون أصل العبادة لله، ولكن خلط ذلك العابد عمله رياء، كمن أطال الركوع وأكثر التسبيح وأطال القراءة والقيام لأجل من يراه، فأصل العبادة - والتي كانت لله - له، وما عدا ذلك فهو حابط؛ لأنه راءى في الزيادة على الواجب فيحبط ذلك الزائد وهو آثم عليه، لا يؤجر عليه ولا ينتفع منه ويؤزر على إشراكه وعلى مراءاته في العبادات البدنيه، أما العبادات المالية فيختلف الحال عن ذلك.

قوله: "من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه": يعني بجميع أنواع الأعمال؛ لأن "عملًا" في قوله: "من عمل عملًا" نكرة جاءت في سياق الشرط، فعمت جميع الأعمال: الأعمال البدنية، والأعمال المالية، والأعمال التي اشتملت على مال وبدن، فالبدنية: كالصلاة والصيام، والمالية: كالزكاة والصدقة والمشتملة على بدن ومال: كالحج والجهاد ونحو ذلك، والمقصود من قوله: "من عمل عملًا" أنه أنشأه "أشرك فيه معي غيري" جعله الله جميعًا، فإن الله - جل وعلا - أغنى الشركاء عن الشرك، لا يقبل إلا ما كان له وحده سبحانه وتعالى" (٢).


(١) مجموع الفتاوى ابن عثيمين ٢/ ٢٠٦، ٢٠٧.
(٢) التمهيد ص ٤٠٠، ٤٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>