للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجلٌ استُشهد فأُتي به فعرّفه نعمته فعَرَفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلَّمت العلم وعلّمته، وقرأت فيك القرآن. قال كذبن ولكنك تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئٌ، فقد قيل، ثم أُمِر به فسُحِب على وجهه حتى ألقي في النار ... " (١).

قال ابن تيمية رحمه الله: "ومنهم من يرفع غيره رياء فيرفع نفسه فيقول: لو دعوت البارحة في صلاتي لفلان لما بلغني عنه كيت وكيت؛ ليرفع نفسه ويضعه عند من يعتقده أو يقول فلان بليد الذهن قليل الفهم وقصده مدح نفسه وإثبات معرفته وإنه أفضل منه" (٢).

وقال ابن رجب رحمه الله في شرح حديث ما ذئبان جائعان: "وها هنا نكتة دقيقة وهي أن الإنسان قد يذم نفسه بين الناس يريد بذلك أن يرى الناس أنه متواضع عند نفسه، فيرتفع بذلك ويمدحونه به، وهذا من دقائق أبواب الرياء، وقد نبه عليه السلف الصالح، قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: كفى بالنفس إطراء أن تذمها على الملأ كأنك تريد بذمها زينتها، وذلك عند الله سفه" (٣).

أما الرياء بالعمل: فصوره كثيرة، كمراءاة المصلي بطول القيام، ومد الظهر، وإطالة السجود، والركوع، وإظهار الخشوع في الصلاة، وتصنع ذلك، لملاحظة العباد له.


(١) أخرجه مسلم (١٩٠٥).
(٢) مجموع الفتاوى ٢٨/ ٢٣٧.
(٣) مجموع رسائل الحافظ الإمام ابن رجب ص ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>