للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للحاجة والضرورة؛ لأنها ظلم في حق الربوبية، وظلم في حق المسؤل، وظلم في حق السائل" (١).

قال زين الدين بن رجب: "واعلم أن سؤال الله تعالى دون خلقه هو المتعين، لأن السؤال فيه إظهارُ الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على دفع هذا الضرر، ونيل المطلوب، وجلب المنافع، ودرء المضارّ، ولا يصح الذلُّ والافتقار إلا للهُ وحده؛ لأنه حقيقة العبادة، وكان الإمام أحمد - رحمه الله - يدعو: "اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك، فصنه عن المسألة لغيرك"" (٢).

وقال ابن عثيمين: "إذا أعززت نفسك ولم تذلها لسؤال الناس بقيت محترما عند الناس وصار لك منعة من أن تذل وجهك لأحد، لأن من أذل وجهه لأحد فإنه ربما يحتاجه ذلك الأحد لأمر يكره أن يعطيه إياه، ولكنه إذا اضطر إلى أن يجيبه ولهذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ازهد فيما عند الناس يحبك الناس" (٣)، فالسؤال أصلا مكروه إلا لحاجة" (٤).

وقال ابن تيمية في الاستغاثة: "وأما نفس سؤال الناس، فسؤالهم في الأصل محرم بالنصوص المحرمة له، وإنما يباح عند الضرورة. وتنازع العلماء هل يجب سؤالهم عند الضرورة؟ فالمنصوص عن أحمد أنه لا يجب سؤال الخلق، مع إيجابه مع غيره من الأئمة الأربعة وغيرهم الأكلَ من الميتة عند الضرورة، فإن الله لم يوجب سؤال الخلق، بل قد وصى النبي - صلى الله عليه وسلم - طائفة من أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئا فكان أحدهم إذا سقط سوطه لا يقول لأحد ناولني إياه، منهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -


(١) مدارج السالكين ٢/ ٢٣٢.
(٢) جامع العلوم والحكم ١/ ٤٨٠.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٤١٠٢) وهو في الأربعين النووية حديث رقم ٣١ وضعفه ابن رجب في جامع العلوم والحكم ٢٧٢.
(٤) مجموع فتاوى ابن عثيمين ١٠/ ٩٣٤. وانظر القول المفيد ط ١ - ٣/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>