للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مأمور أن يبر في يمينه؛ وهذا لا خلاف في وجوبه أو ما يقوم مقام الوفاء بذلك وهو الكفارة. الثاني: أن يكون المراد أن تبر يمين من حلف عليك وهذا على قسمين: تارة يشوبه معنى السؤال كقوله بالله إلا ما فعلت كذا. وتارة لا يشوبه كأن يقول: والله لتفعلن ونحو ذلك. وسواء في هذا الإثبات والنفي وهو مندوب في الوجهين أن يبر قسمه لكنه يتأكد في الثاني لوجوب الكفارة عليه دون الأول وذلك إضرار به.

وهذا كله مع عدم المعارض الشرعي فإن وجد معارض عمل بمقتضاه كما ثبت أن أبا بكر - رضي الله عنه - لما عبر الرؤيا بحضرته - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أصبت بعضا وأخطأت بعضًا" فقال: أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني، فقال: "لا تقسم" ولم يخبره" (١).

قال ابن قدامة: "وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإبرار المقسم رواه البخاري وهذا والله أعلم على سبيل الندب لا على سبيل الإيجاب بدليل أن أبا بكر قال: قال: أقسمت عليك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتخبرني بما أصبت مما أخطأت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقسم يا أبا بكر ولم يخبره" ولو وجب عليه إبراره لأخبره ويحتمل أنه يجب عليه إبرار إذا لم يكن فيه ضرر ويكون امتناع النبي - صلى الله عليه وسلم - من إبرار أبي بكر لما علم من الضرر فيه وإن أجابه إلى صورة ما أقسم عليه دون معناه عند تعذر المعنى فحسن فإنه روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن العباس جاءه برجل ليبايعه على الهجرة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا هجرة بعد الفتح" وقال العباس: أقسمت عليك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتبايعنه فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده في يده وقال: "أبررت قسم عمي ولا هجرة" وأجابه إلى صورة المبايعة دون ما قصد بيمينه" (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "يجب إبرار القسم على معين" (٣).


(١) مواهب الجليل الحطاب ٣/ ٢٦٣.
(٢) المغني ٩/ ٤٢٣.
(٣) الاختيارات، الفتاوى الكبرى ٥/ ٥٥٢. وراجع مجموع الفتاوي ١/ ٢٠٦ فقد فرق بين السؤال والقسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>