تعلق به حق آدمي والعقوبة الواجبة لآدمي لا تسقط بالتوبة والرسول تلحقه المعرة والغضاضة بالسب فلا تقوم حرمته، ولا تثبت في القلوب مكانته إلا باصطلام سابه لما أن هجوه وشتمه ينقص من حرمته عند كثير من الناس فإن لم يحفظ هذا الحمى بعقوبة المنتهك وإلا أفضي الأمر إلى الفساد، وهذا الفرق يتوجه بالنظر إلى أن حد سب الرسول حق لآدمي كما يذكره كثير من الأصحاب بالنظر إلى أنه حق لله أيضا فإن ما انتهكه من حرمة الله لا ينجبر إلا بإقامة الحد فأشبه الزاني والسارق والشارب إذا تابوا بعد القدرة عليهم" (١).
وقال الشيخ ابن عثيمين: " ... سابّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - تقبل توبته ويجب قتله بخلاف من سب الله فإنها تقبل توبته ولا يقتل، لا لأن حق الله دون حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد بأنه يغفر الذنوب جميعا، أما ساب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه يتعلق به أمران:
الأول: أمر شرعي لكونه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن هذا الوجه تقبل توبته إذا تاب.
الثاني: أمر شخصي، لكونه من المرسلين، ومن هذا الوجه يجب قتله لحقه - صلى الله عليه وسلم - ويقتل بعد توبته علي أنه مسلم، فإذا قتل غسلناه وكفناه وصلينا عليه ودفناه مع المسلمين.
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقد ألف كتابا في ذلك اسمه:"الصارم المسلول في حكم قتل ساب الرسول". وذلك لأنه استهان بحق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكذا لو قذفه فإنه يقتل ولا يجلد.
فإن قيل: أليس قد ثبت أن من الناس من سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقبل منه وأطلقه؟
أجيب: بلى هذا صحيح لكن هذا في حياته - صلى الله عليه وسلم - وقد أسقط حقه، أما بعد موته فلا
(١) الصارم المسلول ص ٥٤٧، ٥٤٨. وفيه زيادة بحث في ذلك ص ٥٤٦، ٥٦٤.