للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجه الطعن والذم هو أذن، قال الجوهري: يقال رجل أُذن: إذا كان يسمع مقال كل أحد، يستوي فيه الواحد والجمع ومرادهم - أقمأهم الله - أنهم إذا آذوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وبسطوا فيه ألسنتهم، وبلغه ذلك اعتذروا له وقبل ذلك منهم، لأنه يسمع كل ما يقال له فيصدِّقُه، وإنما أطلقت العرب على من يسمع ما يقال له فيصدِّقُه أنه أذن مبالغة، لأنهم سموه بالجارحة التي هي آلة السماع، حتى كأن جملته أذن سامعة، ... وإيذاؤهم له هو قولهم "هو أذن" لأنهم نسبوه إلى أنه يصدق كل ما يقال له ولا يفرق بين الصحيح والباطل اغترارًا منهم بحلمه عنهم، وصفحه عن خباياهم كرمًا وحلمًا وتغاضيًا ... " (١).

وقال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "فعلم أن إيذاء رسول الله محادة لله ولرسوله لأن ذكر الإيذاء هو الذي اقتضي ذكر المحادّة، فيجب أن يكون داخلا فيه، ولولا ذلك لم يكن الكلام مؤتلفًا، ... ودل ذلك على أن الإيذاء والمحادة كفر لأنه أخبر أن له نار جهنم خالدا فيها ... " (٢).

وقال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "وذلك أن الإيمان والنفاق، أصله في القلب، وإنما الذي يظهر من القول والفعل فرع له ودليل عليه، فإذا ظهر من الرجل شيء من ذلك ترتب الحكم عليه، فلما أخبر سبحانه أن الذين يلمزون النبي - صلى الله عليه وسلم -، والذين يؤذونه من المنافقين، ثبت أن ذلك دليل على النفاق وفرع له، ومعلوم أنه إذا حصل فرع الشيء ودليله حصل أصل المدلول عليه، فثبت أنه حيث ما وجد ذلك كان صاحبه منافقا سواء كان منافقا قبل هذا القول أو حدث له النفاق بهذا القول" (٣).

وقال في موضع آخر: "فالسبُّ إهانة واستخفاف، والانقياد للأمر إكرام وإعزاز،


(١) فتح القدير ٢/ ٣٧٥.
(٢) الصارم المسلول ص ٢٠.
(٣) الصارم المسلول ص ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>