للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سجود الملائكة لآدم عليه السلام. قال ابن كثير في قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} [الكهف: ٥٠] أي: "سجود تشريف وتكريم وتعظيم" (١).

وقال بعضهم: إن السجود كان لله وجعل آدم قبلة لهم، وهو قول عارٍ من الصحة بعيد عن الصواب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقال بعض الأغبياء: إن السجود إنما كان لله وجعل آدم قبله لهم، يسجدون إليه كما يسجد إلى الكعبة؛ وليس في هذا تفضيل له عليهم؛ كما أن السجود إلى الكعبة ليس فيه تفضيل للكعبة على المؤمن عند الله، بل حرمة المؤمن عند الله أفضل من حرمتها" (٢).

وفي تفسير آية البقرة ذكر ابن كثير معنى سجود الملائكة لآدم وذكر من الأقول أن: "هذا سجود تحية وسلام وإكرام كما قال تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف: ١٠٠] وقد كان هذا مشروعا في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملتنا ثم ذكر حديث معاذ السابق وضعف القولين الآخرين وهما كون السجدة لله وآدم قبله فيها كما قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨]، وكون المراد بالسجود الخضوع لا الانحناء ووضع الجبهة على الأرض واستظهر القول الأول أن السجدة لآدم إكرامًا وإعظامًا واحترامًا وسلامًا وهي طاعة الله - عز وجل - لأنها امتثال لأمره تعالى وقد قواه الرازي في تفسيره" (٣).

وعلى هذا فهناك سجود تحية، وهناك سجود عبادة ويختلف حكم التحية لغير الله عن حكم عبادة غير الله. ولا يلزم من السجود للشخص عبادته، بل يحتمل


(١) تفسير ابن كثير ٣/ ٧٩.
(٢) مجموع الفتاوى ٤/ ٣٥٨.
(٣) تفسير ابن كثير ١/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>