للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العبادة، ويحتمل غيرها من التحية والاحترام كما في الحديث المذكور (١)، بخلاف السجود للصنم فإنه شرك في العبادة (٢) ولا يحتمل أنه سجود تحية واحترام.

يقول ابن حجر الهيتمي الشافعي الفقيه: "ونقل الزركشي وغيره هذا الإشكال - أي الفرق بين السجود للوالد والسجود للصنم - ولم يجيبوا عليه، ويمكن أن يُجاب عنه بأن الوالد وردت الشريعة بتعظيمه بل ورد شرع غيرنا بالسجود للوالد كما في قوله: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} بناء على إن المراد بالسجود ظاهره وهو وضع الجبهة، كما مشى عليه جمع، وأجابوا بأنه كان شرعًا لمن قبلنا ومشى آخرونه على أن المراد به الانحناء، وعلى كل فهذا الجنس قد ثبت للوالد ولو في زمن من الأزمان وشريعة من الشرائع فكان شبهة دارئة لكفر فاعله، بخلاف السجود لنحو الصنم أو الشمس فإنه لم يرد هو ولا ما يشبهه في التعظيم في شريعة من الشرائع، فلم يكن لفاعل ذلك شبهة لا ضعيفة ولا قوية، فكان كافرًا، ولا نظر لقصد التقرب فيما لم ترد الشريعة بتعظيمه بخلاف من وردت بتعظيمه فاندفع الاستشكال واتضح الجواب عنه كما لا يخفى" (٣).

فالسجود لغير الله إذا كان على وجه العبادة شرك أكبر مخرج من الملة.

قال ابن تيمية: "وأصناف العبادات الصلاة بأجزائها مجتمعة وكذلك أجزاؤها التي هي عبادة بنفسها من السجود والركوع والتسبيح والدعاء والقراءة والقيام لا يصلح إلا لله وحده ... ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذًا أن يسجد له وقال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها. ونهى عن الانحناء في التحية ونهاهم أن يقوموا خلفه في الصلاة وهو قاعد" (٤).


(١) انظر: مجموع الفتاوى ١/ ٣٧٢، ٤/ ٣٦٠.
(٢) انظر نواقض الإيمان الاعتقادية ٢٣٥.
(٣) الإعلام بقواطع الإسلام (ص ١٨ - ١٩) المطبوع مع الزواجر.
(٤) مجموع الفتاوى ١/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>