للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قتل لبيد بن الأعصم وكذلك عائشة - رضي الله عنها - باعت جارية لها سحرتها (١)؛ ولذلك جاء الخلاف في قتل الساحر فقد قال الشافعي - رضي الله عنه -: "إنما يقتل الساحر إذا كان يعمل في سحره ما يبلغ به الكفر فإذا عمل عملًا دون الكفر فلم نر عليه قتلًا" (٢).

والذي عليه الأئمة رحمهم الله أن الساحر يقتل وقد قدمنا شيئًا من أقوالهم.

قال مالك: "الساحر الذي يعمل السحر ولم يعمل ذلك له غيره، هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} فأرى أن يقتل ذلك، إذا عمل ذلك هو نفسه" (٣).

وأمرُ عمرَ بقتل السحرة ثابت معلوم، فعن بجالة بن عبدة قال: "كتب عمر بن الخطاب: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة. قال: فقتلنا ثلاثة سواحر" (٤).

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "إن أثر عمر صريح في قتل كل ساحر وساحرة وهو من حجج الجمهور القائلين بأنه يقتل، وظاهره أنه يقتل من غير استتابة، وهو كذلك على المشهور عن أحمد، وبه قال مالك: إن الصحابة لم يستتيبوهم، ولأن علم السحر لا يزول بالتوبة.

وعن أحمد يستتاب، فإن تاب، قبلت توبته وخلي سبيله، وبه قال الشافعي، لأن ذنبه لا يزيد على الشرك، والمشرك يستتاب وتقبل توبته، فكذلك الساحر، وعلمه بالسحر لا يمنع توبته بدليل ساحر أهل الكتاب إذا أسلم، ولذلك صح إيمان سحرة فرعون وتوبتهم.


(١) مصنف عبد الرزاق ١٠/ ١٨٣، والمغني ١٢/ ٣٠٢.
(٢) كتاب الحدود ٤/ ٦٠.
(٣) الموطأ ٢/ ٨٧١.
(٤) أخرجه أبو داود (٣٠٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>