للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض". وما زال يستغيث بربه رافعًا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأخذ أبو بكر - رضي الله عنه - رداءه فألقاه على منكبه ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله هذه الآية (١).

الثاني: الاستغاثة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين القادرين على الإغاثة فهذا شرك؛ لأنه لا يفعله إلا من يعتقد أن لهؤلاء تصرفا خفيا في الكون فيجعل لهم حظًا من الربوبية قال الله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: ٦٢].

الثالث: الاستغاثة بالأحياء العالمين القادرين على الإغاثة فهذا جائز كالاستعانة بهم قال الله تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى} [القصص: ١٥].

الرابع: الاستغاثة بحي غير قادر من غير أن يعتقد أن له قوة خفية مثل أن يستغيث الغريق برجل مشلول فهذا لغو وسخرية بمن استغاث به فيمنع منه لهذه العلة، ولعلة أخرى وهي الغريق ربما اغتر بذلك غيره فتوهم أن لهذا المشلول قوة خفية ينقذ بها من الشدة" (٢).

وعلى هذا فإن الاستغاثة بالمخلوق على قسمين:

الأول: الاستغاثة بالأموات والغائبين، أو الاستغاثة فيما لا يقدر عليه إلا الله كالذي يستغيث عِنْدَ المرض أو خوف الغرق بالرسول أو البدوي فهذا شرك أكبر مخرج من الملة. قال الشيخ ابن قاسم: "وقد تبين من الآيات والأحاديث أن دعاء


(١) أخرجه مسلم (١٧٦٣).
(٢) شرح ثلاثة الأصول من مجموع الفتاوى ٦/ ٦٠، ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>