للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال به قبله وبعده جماعة من أهل العلم، فالطعن عليه - رَحِمَه اللّه - خاصة في هذه المسألة وما في معناها، طعن لا يصيب إلا صاحبه، وسب لا يرجع إلا إلى قائله، وكيف يجوز هذا في شأنه؟! وإن هذا لا يجوز في حق أحد من المسلمين، كما قال - صلى الله عليه وسلم -:: "سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر". و"من قال لأخيه كافرا فقد باء به إن لم يكن كذلك" (١).

وقال الألباني - رَحِمَه اللّه -: "وفي هذه الأحاديث تحريم السفر إلى موضع من المواضع المباركة، مثل مقابر الأنبياء والصالحين، وهي وإن كانت بلفظ النفي "لا تُشَدَّ" فالمراد النهي كما قال الحافظ، على وزن قوله تعالى {الْفَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} وهو كما قال الطيبي: هو أبلغ من صريح النهي، كأنه قال: لا يستقيم أن يقصد بالزيارة إلا هذه البقاع لاختصاصها بما اختصت به" ... قلت (٢): ومما يشهد لكون النفي هنا بمعنى النهي رواية لمسلم في الحديث الثاني: "لا تشدوا" (٣).

ثم ذكر أقوال من تساهل في السفر لغير المساجد الثلاثة ورد عليهم مفندًا أقوالهم في كتابه النفيس أحكام الجنائز (٤).

ومما قاله - رَحِمَه اللّه -: "والخلاصة: إن ما ذهب إليه أبو محمد الجويني الشافعي وغيره من تحريم السفر إلى غير المساجد الثلاثة من المواضع الفاضلة هو الذي يجب المصير إليه، فلا جرم اختاره كبار العلماء المحققين المعروفين باستقلالهم في الفهم، وتعمقهم في الفقه عن الله ورسوله أمثال شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم - رحمهم الله تعالى - فإن لهم البحوث الكثيرة النافعة في هذه المسألة الهامة، ومن هؤلاء الأفاضل الشيخ ولي الله الدهلوي، ومن كلامه في ذلك ما قال في


(١) الدين الخالص ٣/ ٥٩٠، ٥٩١. وانظر أيضًا شرحه لصحيح مسلم ٥/ ١١٣.
(٢) القائل هو الشيخ الألباني رحمه الله.
(٣) أحكام الجنائز ص ٢٢٦، ٢٢٧.
(٤) من ص ٢٢٧ إلى ص ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>