للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجنة، ولكن الأولون قد يجيبون عن هذا بأنه قد يعذب صاحب الشرك الأصغر قبل الموازنة، إما في البرزخ، وإما قبل ذلك أو بعده في عرصات القيامة، فيقول الآخرون: وكذلك الكبائر قد يعذب صاحبها قبل الموازنة فتسقط الموازنة بها فلا يختص بذلك الشرك الأصغر، ومن تأمل الأدلة من الكتاب والسنة أمكنه أن يعرف الراجح من القولين" (١).

وقال الشيخ عبد الرحمن بن القاسم - رحمه الله -: "ومن المعلوم بالضرورة من الدين المجمع عليه عند أهل السنة أن من مات علي الشرك لا يدخل الجنة، ولا يناله من - رحمه الله -، ويخلد في النار أبد الآبدين. وأن من مات لا يشرك بالله شيئًا يدخل الجنة، وإن جرت عليه قبل ذلك أنواع من العذاب والمحن، وأما الشرك الأصغر كيسير الرياء، وقول الرجل ما شاء الله وشئت، وما لي إلا الله وأنت ونحو ذلك فيطلق عليه الشرك كما في حديث "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك". ونحو ذلك، ولكن لا يخرج بذلك من الملة بالكلية، ولا يستحق اسم الكفر على الإطلاق، فهو أخف من الأكبر، وقد يكون أكبر بحسب حال قائله ومقصده" (٢).

ويخشى على صاحب الشرك الأصغر أن يأتي بعد ذلك بسيئات تنضم إلي ذلك الشرك فيكبر شركه الأصغر حتى ترجح به سيئاته فيدخل النار.

قال شيخ الإسلام: "فإن قالها - يعني: لا إله إلا الله - على وجه الكمال المانع من الشرك الأصغر والأكبر؛ فهذا غير مصر علي ذنب أصلًا فيغفر له ويحرم علي النار.

وإن قالها على وجه خلص به من الشرك الأكبر دون الأصغر، ولم يأت بعدها بما يناقض ذلك فهذه الحسنة لا يقاومها شيء من السيئات فيرجع بها ميزان


(١) ضمن فتاوى بعثها الشيخ السعدي إلى الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز الحصين، وهذه الفتاوى مؤرخة بتاريخ ٢٩/ ٦/ ١٣٧٤ هـ مخطوطة مستفاد من كتاب جهود ابن سعدي ص ١٨٨، ١٨٩.
(٢) حاشية علي كتاب التوحيد لابن قاسم ص ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>