للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحسنات، كما في حديث البطاقة (١). فيحرم على النار، لكن تنقص درجته في الجنة بقدر ذنوبه.

وهذا خلاف من رجحت سيئاته حسناته، ومات، فإنه يستوجب النار، وإن كان قال: لا إله إلا الله وخلص بها من الشرك الأكبر، لكنه لم يمت على ذلك، بل قالها وأتى بعدها بسيئات رجحت على هذه الحسنات، فإنه في حال قوله لها مخلصا مستيقنا بها قلبه تكون حسناته راجحة، ولا يكون مصرا على سيئة، فإن مات قبل دخل الجنة.

ولكن بعد ذلك قد يأتي بسيئات راجحة، ولا يقولها بالإخلاص واليقين المانع من جميع السيئات ومن الشرك الأكبر والأصغر، بل يبقى معه الشرك الأصغر، ويأتي بعد ذلك بسيئات تنضم إلى ذلك الشرك فترجح سيئاته؛ فإن السيئات تضعف الإيمان واليقين فيضعف بسبب ذلك قول: لا إله إلا الله؛ فيمتنع الإخلاص في القلب فيصير المتكلم بها كالهاذي، أو النائم، أو من يحسن صوته بآية من القرآن يختبر بها من غير ذوق طعم ولا حلاوة.

فهؤلاء لم يقولوها بكمال الصدق واليقين، بل قد يأتون بعدها بسيئات تنقص ذلك الصدق واليقين الضعيف، وقد يقولونها من غير يقين وصدق تام، ويموتون


(١) نص حديث البطاقة عن عَبْد الله بنَ عَمْرِو بنِ العَاص قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله يقول: "إِنَّ الله عز وجل يستخلصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍ مَدّ البَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ: أتنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتبَتِي الْحافِظُونَ؟ فيقُولُ لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَلك عُذْرٌ وحسنة؟ فيبهت الرجل فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً واحدة، لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ، فَتُخْرَجُ له بطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه، فَيَقُولُ: أحضروه، فَيَقُولُ: يَا ربِّ مَا هَذِهِ البطَاقَةُ مَع هَذِهِ السِّجِلَّاتُ؟ فَيُقَالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ. قالَ: فَتُوْضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ وَالِبطَاقَةُ في كِفَّةٍ فَطَاشَتْ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَت البِطَاقَة، ولا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ الله شَيْءٌ". أخرجه أحمد (٦٩٩٤) وابن ماجه (٤٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>