وثمانية عشر أو سنة سبع مئة وسبعة عشر بدمشق المحروسة عن قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ... } على قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الأعراف:١٨٩ - ١٩٠]؛ فأجاب بما قاله المفسرون في الجواب، وهو آدم وحواء، وأن حواء لما أثقلت بالحمل أتاها إبليس في صورة رجل، وقال: أخاف من هذا الذي في بطنك أن يخرج من دبرك أو يشق بطنك وما يدريك لعله يكون بهيمةً أو كلبًا، فلم تزل في همٍّ حتى أتاها ثانيًا وقال: سألت الله أن يجعله بشرًا سويًا، وإن كان كذلك، فسميه "عبد الحارث"، وكان اسم إبليس في الملائكة "الحارث"؛ فذلك قوله تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}. وهذا مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ فقلت له: هذا فاسد من وجوه:
الأول: أنه تعالى قال في الآية الثانية {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُون}؛ فهذا دليل على أن القصة في حق جماعة.
الثاني: أنه ليس لإبليس في الكلام ذكر.
الثالث: أن الله تعالى علَّمَ آدم الأسماء كلَّها؛ فلابد وأنه كان يعلم أن الحارث اسمٌ لإبليس.
الرابع: أنه تعالى قال: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ}[الأعراف: ١٩١]، وهذا يدل على أن المراد به الأصنام، الآن "ما" لما لا يعقل، ولو كان إبليس؛ لقال:"من" هي التي لمن يعقل.
فقال الشيخ تقي الدين:"قد ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بهذا قصي؛ لأنَّهُ سمى أولاده الأربعة: عبد مناف، وعبد العزى، وعبد قصي، وعبد الدار، والضمير في "يشركون" له ولأعقابه الذين يسمون أولادهم بهذه الأسماء وأمثالها.
قلت: وهذا أيضًا فاسد؛ لأنَّهُ تعالى قال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا