للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقول ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ: "وإن أثبتم وسائط بين الله وبين خلقه كالحجاب الذين بين الملك ورعيته بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه، فالله إنما يهدي عباده ويرزقهم بتوسطهم، فالخلق يسألونهم، وهم يسألون الله، كما أن الوسائط عند الملوك، يسألون الملوك حوائج الناس، لقربهم منهم، والناس يسألونهم أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملك، أو لأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك، لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب للحوائج، فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك، يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهؤلاء مشبهون لله، شبهوا المخلوق بالخالق، وجعلوا لله أندادًا" (١).

ويقول أيضًا: "من أثبت وسائط بين الله وبين خلقه، كالوسائط التي تكون بين الملوك والرعية فهو مشرك، بل هذا دين المشركين عباد الأوثان، كانوا يقولون: إنها تماثيل الأنبياء والصالحين، وإنها وسائل يتقربون بها إلى الله، وهو من الشرك، وهو من الشرك الذي أنكره الله على النصارى" (٢).

وبهذا يظهر لك جليًا حكم الاستشفاع بالأولياء والصالحين من أموات المسلمين؛ قال في التيسير: "فتبين أن دعاء الصالحين من الملائكة، والأنبياء وغيرهم شرك، كما كان المشركون الأولون يدعونهم ليشفعوا لهم عند الله فأنكر الله عليهم ذلك فأخبر أنه لا يرضاه ولا يأمر به كما قال تعالى: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٨٠] (٣).

وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "ولا ريب أن الاستشفاع بالموتى يتضمن أنواعًا من العبادة: سؤال غير الله، وإنزال الحوائج به من دون الله، ورجائه،


(١) مجموع الفتاوى ١/ ١٢٦.
(٢) مجموع الفتاوى ١/ ١٣٤.
(٣) تيسير العزيز الحميد ص ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>