للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصحاب الإمام أحمد وغيرهم في الرضا بالقضاء: هل هو واجب أو مستحب؟ على قولين: فعلى الأول: يكون من أعمال المقتصدين، وعلى الثاني: يكون من أعمال المقربين. قال عمر بن عبد العزيز: الرضا عزيز، ولكن الصبر معول المؤمن. وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لابن عباس: "إن استطعت أن تعمل لله بالرضا مع اليقين فافعل، فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا".

ولهذا لم يجيء في القرآن إلا مدح الراضين لا إيجاب ذلك، وهذا في الرضا بما يفعله الرب بعبده من المصائب كالمرض والفقر والزلزال كما قال تعالى: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} [البقرة: ١٧٧]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا} [البقرة: ٢١٤] فالبأساء في الأموال، والضراء في الأبدان، والزلزال في القلوب.

وأما الرضا بما أمر به فأصله واجب، وهو من الإيمانه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا"، وهو من توابع المحبة كما سنذكره إن شاء الله تعالى، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥]، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} [التوبة: ٥٩]، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)} [محمد: ٢٨]، وقال تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (٥٤)} [التوبة: ٥٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>