للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه" (١).

قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: "وأصل هذا أنهم كانوا يزجرون الطير والوحش ويثيرونهما، فما تيامن منها وأخذ ذات اليمين سموه سانحًا، وما تياسر منها سموه بارحًا، وما استقبلهم فهو الناطح، وما جاءهم من خلفهم سموه القعيد. فمن العرب من يتشاءم بالبارح، ويتبرك بالسانح، ومنهم من يرى خلاف ذلك. قال المدائني: سألت رؤبة بن العجاج: ما السانح؟ قال ما ولاك ميامنه، قال: قلت: فما البارح؟ قال ما ولاك مياسره. قال والذي يجيء من قدامك فهو الناطح والنطيح، والذي يجيء من خلفك فهو القاعد والقعيد.

وقال المفضل الضبي: "البارح ما يأتيك عن اليمين يريد يسارك، والسانح ما يأتيك عن اليسار فيمر على اليمين، وإنما اختلفوا في مراتبها ومذاهبها لأنها خواطر وحدوس وتخمينات لا أصل لها، فمن تبرك بشيء مدحه ومن تشاءم به ذمه" (٢).

ولم تكن العرب قاطبة تعتقد هذا وتقول به، بل كان منهم من أنكره، قال ابن القيم: "ومنهم من أنكرها بعقله، وأبطل تأثيرها بنظره، وذم من اغتر بها واعتمد عليها، وتوهم تأثيرها، فمنهم المرقش حيث يقول:

ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واق وحاتم

فإذا الأشائم كالأيا ... من والأيامن كالأشايم

وكذا فلا خير ولا ... شر على أحد بدائم

لا يمنعنك من بغا ... ء الخير تعقاد التمائم

قد خط ذلك في السطو ... ر الأوليات القدائم


(١) النهاية (ط ي ر).
(٢) مفتاح دار السعادة ٢/ ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>