للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مهتدون في الدنيا" (١).

وقال ابن القيم: "ولما نزل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)} قال الصحابة: وأينا يا رسول الله لم يلبس إيمانه بظلم؟ قال: ذلك الشرك، ألم تسمعوا قول العبد الصالح {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، فلما أشكل عليهم المراد بالظلم وظنوا أن ظلم النفس داخل فيه، وأن من ظلم نفسه أي ظلم كان لا يكون آمنا أجابهم بأن الظلم الرافع للأمن والهداية على الإطلاق هو الشرك، وهذا والله الجواب الذي يشفي العليل ويروي الغليل، فإن الظلم المطلق التام هو الشرك الذي هو وضع العبادة في غير موضعها والأمن والهدى المطلق هو الأمن في الدنيا والآخرة والهدى إلى الصراط المستقيم، فالظلم المطلق التام مانع من الأمن والهدى المطلق، ولا يمنع ذلك أن يكون مطلق الظلم مانعا من مطلق الأمن ومطلق الهدى فتأمله فالمطلق للمطلق والحصة للحصة" (٢).

قال الإمام ابن رجب معلقًا على حديث ابن مسعود: "معنى هذا: أن الظلم يختلف: فيه ظلم ينقل عن الملة كقوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وقوله تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٥٤]؛ فإن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وأعظم ذلك أن يوضع المخلوق في مقام الخالق، ويُجعل شريكًا له في الربوبية وفي الإلهية، سبحانه وتعالى عما يشركون.

وأكثر ما يرد في القرآن وعيد الظالمين، يراد به الكفار، كقوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ


(١) انظر تيسير العزيز الحميد ص ٧١.
(٢) الصواعق المرسلة ١/ ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>