للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} الآيات [إبراهيم: ٤٢]، وقوله تعالى: {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} الآيات [الشورى: ٤٤] ومثل هذا كثير.

ويراد بالظلم ما لا ينقل عن الملة، كقوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر:٣٢]، وقوله: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٢٩].

وحديث ابن مسعود هذا: صريح في أن المراد بقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}: أن الظلم هو الشرك.

وجاء في بعض رواياته: زيادةٌ. قال: "إنما هو الشرك"" (١).

وقال رحمه الله في موضع آخر: "وهو نوعان:

أحدهما: ظلم النفس، وأعظمه الشرك، كما قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} فإن المشرك جعل المخلوقَ في منزلة الخالق فعبده وتألهه، فوضع الأشياء في غير موضعها، وأكثر ما ذُكِر في القرآن من وعيد الظالمين إنما أُريد به المشركون، كما قال عز وجل: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٥٤]، ثم يليه المعاصي على اختلاف أجناسها من كبائر وصغائر.

والثاني: ظلمُ العبد لغيره، وهو المذكور في هذا الحديث (٢)، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته في حجة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة


(١) فتح الباري لابن رجب ١/ ١٣٢.
(٢) يعني الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا) رواه مسلم (٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>