للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا"، وروي عنه أنه خطب بذلك في يوم عرفة، وفي يوم النحر، وفي اليوم الثاني من أيام التشريق، وفي رواية: ثم قال: "اسمعوا مني تعيشوا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، إنه لا يحلُّ مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه".

وفي الصحيحين عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الظلم ظلمات يوم القيامة"" (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الظلم كله حرام مذموم، فأعلاه الشرك، فإن الشرك لظلم عظيم، والله لا يغفر أن يشرك به، وأوسطه ظلم العباد بالبغي والعدوان، وأدناه ظلم العبد نفسه فيما بينه وبين الله، فإذا كان الرجل مشركًا كافرًا فأسلم باطنًا وظاهرًا، بحيث صار مؤمنًا وهو مع إسلامه يظلم الناس ويظلم نفسه، فهو خير من أن يبقى على كفره ولو كان تاركًا لذلك الظلم.

وأما إذا أسلم ظاهرًا فقط، وهو منافق في الباطن، فهذا في الآخرة في الدرك الأسفل من النار، وأما في الدنيا فقد يكون أضر على المسلمين منه لو بقي على كفره، وقد لا يكون كذلك، فإن إضرار المنافقين بالمؤمنين يختلف باختلاف الأحوال.

لكن إذا أسلم نفاقًا فقد يرجى له حسن الإسلام فيصير مؤمنًا، كمن أسلم تحت السيف، وكذلك من أسلم لرغبة أو لرهبة أو نحو ذلك. فالإسلام والإيمان أصل كل خير وجِماعُه.

وكذلك من كان ظالمًا للناس في نفوسهم وأموالهم وأعراضهم، فانتقل عن ذلك إلى ما يظلم به نفسه خاصة: من خمر وزنا، فهذا أخف لإثمه وأقل لعذابه.


(١) جامع العلوم والحكم ١/ ٣٦، ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>