للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعذب، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه فعل ذلك من خشية الله" (١).

وقال الحافظ ابن عبد البر رحمة الله: " ... وأما جهل الرجل المذكور في هذا الحديث بصفة من صفات الله في علمه وقدرته، فليس ذلك بمخرجه من الإيمان ... " (٢)، ثم استدل على ذلك بسؤال الصحابة رضي الله عنهم عن القدر ثم قال: " ... ومعلوم أنهم إنما سألوه عن ذلك وهم جاهلون به، وغير جائز عند أحد من المسلمين أن يكونوا بسؤالهم عن ذلك كافرين ... ولم يضرهم جهلهم به قبل أن يعلموه" (٣).

وقال ابن حزم رحمه الله بعد ذكر الحديث: " ... فهذا إنسان جهل إلى أن مات أن الله عز وجل يقدر على جمع رماده وإحيائه، وقد كفر له لإقراره وخوفه وجهله" (٤).

وقال ابن الوزير رحمه الله في تعليقه على الحديث: " ... وإنما أدركته الرحمة لجهله وإيمانه بالله والمعاد ولذلك خاف العقاب، وأما جهله بقدرة الله تعالى على ما ظنه محالا فلا يكون كفرا إلا لو علم أن الأنبياء جاءوا بذلك وأنه ممكن مقدور ثم كذبهم أو أحدا منهم لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء. ١٥] (٥).

يقول ابن قتيبة عن هذا الحديث: "وهذا رجل مؤمن بالله، مقر به، خائف له، إلا أنه جهل صفة من صفاته، فظن أنه إذا أحرق وذري في الريح أن يفوت الله تعالى، فغفر الله تعالى له بمعرفته ما بنيته، وبمخافته من عذابه جهله بهذه الصفة من صفاته" (٦).


(١) فتح الباري ٦/ ٥٢٣.
(٢) التمهيد ١٨/ ٤٦، ٤٧.
(٣) المصدر السابق.
(٤) الفصل ٣/ ٢٥٢.
(٥) إيثار الحق على الخلق ص ٤٣٦.
(٦) تأويل مختلف الحديث ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>