للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التشدد والغلو والاجتهاد، وهم يظنون أنهم يطيعون الله، وقد بلغتهم الحجة، ولكن لم يفهموها.

وكذلك قتلى علي - رضي الله عنه - الذين اعتقدوا فيه، وتحريقهم بالنار، مع كونهم تلاميذ الصحابة، ومع عبادتهم وصلاتهم وصيامهم، وهم يظنون أنهم حق.

وكذلك إجماع السلف: على تكفير غلاة القدرية وغيرهم، مع علمهم وشدة عبادتهم وكونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم لأجل كونهم لم يفهموا، فإن هؤلاء كلهم لم يفهموا" (١).

ومن المسائل التي قد تخفى بعض مسائل الصفات قال الإمام الشافعي رحمه الله حين سئل عن صفات الله وما يؤمن به: "لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه أمته، ولا يسع أحد من خلق الله قامت عليه الحجة ردها؛ لأن القرآن نزل بها، وصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القول بها فيما روى عنه العدول، فإن خالف بعد ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر، فأما قبل ثبوت الحجة عليه فمعذور بالجهل؛ لأن علم ذلك لا يقدر بالعقل، ولا بالرؤية والقلب والفكر، ولا نكفر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهاء الخبر إليه به" (٢).

أما الكافر فإن قيام الحجة عليه يوضحها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: "والحجة قامت بوجود الرسول المبلغ وتمكنهم من الاستماع والتدبر. لا بنفس الاستماع. ففي الكفار من تجنب سماع القرآن، واختار غيره، كما يتجنب كثير من المسلمين سماع أقوال أهل الكتاب وغيرهم، وإنما ينتفعون إذا ذكروا فتذكروا، كما قال: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠)} " (٣).


(١) الدرر السنية ١٠/ ٩٣، ٩٤، ومجموع مؤلفات الشيخ ٧/ ١٥٩.
(٢) مختصر العلو للذهبي ص ١٧٧.
(٣) مجموع الفتاوى (١٦/ ١٦٦) والآية ١٠ من سورة الأعلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>