للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المالكية، قال: والصحيح الذي عليه الأكثر ويتعين المصير إليه أن لا نسخ، بل يجب الجمع بين الحديثين، وحمل الأمر باجتنابه والفرار منه على الاستحباب والاحتياط، والأكل معه على بيان الجواز" (١).

وقال الإمام البغوي: "قوله "فرّ من المجذوم كما تفرّ من الأسد". قال الإمام: لعله على معنى قوله عليه السلام: "لا يوردن ممرض على مصح".

وقيل هو رخصة لمن أراد أن يجتنب عنه، كقوله عليه السلام في الطاعون: "إذا وقع بأرض فلا تقدموا عليه". فمن لم يحترز عنه متوكلا، فحسن، بدليل أنه عليه السلام: "أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة".

وقيل: إن الجذام علّة لها رائحة تسقم من أطال مجالسة صاحبها، ومؤاكلته لاشتمام تلك الرائحة، وكذلك المرأة تضاجع المجذوم في شعار واحد، فربما تجذم من الأذى الذي يصيبها، وقد يظهر ذلك في النسل، وكذلك البعير الجرب يخالط الإبل ويحاكّها، فيصل إليها بعض ما يسيل من جربه فيظهر عليها أثر، وليس هذا من باب العدوى، بل هذا من باب الطب، كما أن أكل ما يعافه الإنسان، واشتمام ما يكره ريحه، والمقام في بلد لا يوافق هواه طبعه يضره، وما يوافقه ينفعه بإذن الله. قال الإمام: ويروى أن أبا بكر كان يأكل مع الأجذم" (٢).

وأحسن ما يقال في هذا ويوجه إليه: ما قاله البيهقي وتبعه ابن الصلاح وابن القيم وابن رجب وابن مفلح وغيرهم ونصره الشيخ سليمان بن عبد الله في التيسير. قال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "عندي في الحديثين مسلك يتضمن إثبات الأسباب والحكم ونفي ما كانوا عليه من الشرك واعتقاد الباطل ووقوع النفي والإثبات على وجهه، فإن العوام كانوا يثبتون العدوى على مذهبهم من


(١) فتح الباري ١٠/ ١٥٨.
(٢) شرح السنة للبغوي ١٢/ ١٧١ - ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>