للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أيضًا: "قال ابن المبارك، عن سفيان: استوصوا بأهل السنة خيرا، فإنهم غرباء" (١).

وقال الآجري - رحمه الله - في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وسيعود غريبًا" معناه الله أعلم أن الأهواء المضلة تكثر فيضل بها كثير من الناس ويبقى أهل الحق الذين هم على شريعة الإسلام غرباء في الناس (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وقوله - صلى الله عليه وسلم - "ثم يعود غريبا كما بدأ" يحتمل شيئين:

أحدهما: أنه في أمكنة وأزمنة يعود غريبًا بينهم ثم يظهر، كما كان في أول الأمر غريبًا ثم ظهر، ولهذا قال: "سيعود غريبًا كما بدأ" وهو لما بدأ كان غريبًا لا يعرف ثم ظهر وعرف، فكذلك يعود حتى لا يعرف ثم يظهر ويعرف. فيقل من يعرفه في أثناء الأمر كما كان من يعرفه أولًا.

ويحتمل أنه في آخر الدنيا لا يبقى مسلمًا إلا قليل. وهذا إنما يكون بعد الدجال ويأجوج ومأجوج عند قرب الساعة" (٣).

وقال ابن القيم - رحمه الله -: "ومعنى قول النبي: "هم النزاع القبائل" أن الله سبحانه بعث رسوله وأهل الأرض على أديان مختلفة فهم بين عباد أوثان ونيران وعباد صور وصلبان ويهود وصابئة وفلاسفة - وكان الإسلام في أول ظهوره غريبًا وكان من أسلم منهم واستجاب لله ولرسوله غريبًا في حيه وقبيلته وأهله وعشيرته، فكان المستجيبون لدعوة الإسلام نزاعًا من القبائل بل آحادًا منهم، تغربوا عن قبائلهم وعشائرهم ودخلوا في الإسلام، فكانوا هم الغرباء حقًّا حتى ظهر الإسلام


(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (٤٩). سير أعلام النبلاء ٧/ ٢٧٣.
(٢) كتاب الغرباء ص ٢٤، ٢٥.
(٣) مجموع الفتاوى ١٨/ ٢٩٦، ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>