للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السبيل إلى ذلك، والله تعالى نسأله التوفيق" (١).

الثالث: ما ذهب إليه جمهور العلماء أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا غول" ليس معناه نفي الغول عينا، وإبطالها كونًا، وإنما فيه إبطال ما يتحدثون عنها من تغولها، واختلاف تلونها في الصور المختلفة، وإضلالها الناس عن الطريق، وسائر ما يحكون عنها. ودليل ما ذهب إليه الجمهور أنه لم يثبت شرعًا ولا عقلًا ولا اختبارًا أن الغيلان تأكل الناس، ولا أنها تظهر لهم في الفيافي والقفار كما كانت تزعم العرب وغير العرب في طور الجهل والخرافات" (٢) وهو المختار.

قال الإمام البغوي - رحمه الله -: "قوله: "ولا غول" ليس معناه نفي الغول كونًا، وإنما أراد أن العرب كانت تقول: إن الغيلان تظهر للناس في الفلوات في الصور المختلفة، فتضلهم وتهلكهم، ويقال تغول تغولًا. أي: تلون. فأخبر الشرع أنها لا تقدر على شيء من الإضلال والإهلاك إلا بإذن الله - عز وجل -، وقد جاء في الحديث: "إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان"" (٣).

وقال النووي - رحمه الله -: "قال جمهور العلماء: كانت العرب تزعم أن الغيلان في الفلوات، وهي من جنس الشياطين، فتتراءى للناس وتتغول تغولا، أي تتلون تلونا، فتضلهم عن الطريق فتهلكهم، فأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذاك. وقال آخرون: ليس المراد بالحديث نفي وجود الغول، وإنما معناه إبطال ما تزعمه العرب من تلون الغول بالصور المختلفة واغتيالها، وقالوا: ومعنى "لا غول" أي لا تستطيع أن تضل أحدًا. ويشهد له حديث آخر: "لا غول ولكن السَّعال". قال العلماء: السعالي بالسين المفتوحة والعين المهملتين، وهم سحرة الجن، أي ولكن في الجن سحرة


(١) مشكل الآثار ١/ ٣٤٢ مستفاد من كتاب الغول ص ٧٨.
(٢) فتح المجيد ص ٣٠٧.
(٣) شرح السنة للبغوي ١٢/ ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>