وقال معلقا على ذلك:"ولا يعارض ما ذكرنا حديث ابن عباس في وضع النبي - صلى الله عليه وسلم - شقي جريدة النخل على القبرين وقوله: "لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا". متفق عليه. وقد خرجته في صحيح أبي داود (١٥). فإنه خاص به - صلى الله عليه وسلم - بدليل أنه لم يجر العمل به عند السلف وأمور أخرى يأتي بيانها. قال الخطابي - رحمه الله تعالى - في معالم السنن"(١/ ٢٧) - تعليقًا على الحديث:"إنه من التبرك بأثر النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعائه بالتخفيف عنهما وكأنه جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدا لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، والعامة في كثير من البلدان تغرس الخوص في قبور موتاهم، وأراهم ذهبوا إلى هذا وليس لما تعاطوه من ذلك وجه".
قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي (١/ ١٠٣) عقب هذا: "وصدق الخطابي، وقد ازداد العامة إصرارًا على هذا العمل الذي لا أصل له، وغلوا فيه، خصوصا في بلاد مصر تقليدًا للنصارى حتى صاروا يضعون الزهور على القبور، ويتهادونها بينهم، فيضعها الناس على قبور أقاربهم ومعارفهم تحية لهم، ومجاملة للأحياء، وحتى صارت عادة شبيهة بالرسمية في المجاملات الدولية، فتجد الكبراء من المسلمين إذا نزلوا بلدة من بلاد أوربا ذهبوا إلى قبور عظمائهم أو إلى قبر من يسمونه "الجندي المجهول" ووضعوا عليها الزهور، وبعضهم يضع الزهور الصناعية التي لا نداوة فيها تقليدا للإفرنج، واتباعًا لسنن من قبلهم، ولا ينكر ذلك عليهم العلماء أشباه العامة، بل تراهم أنفسهم يضعون ذلك في قبور موتاهم، ولقد علمت أن أكثر الأوقاف التي تسمى أوقافا خيرية موقوف ريعها على الخوص والريحان الذي يوضع على القبور وكل هذا بدع ومنكرات لا أصل لها في الدين، ولا سند لها من الكتاب والسنة، ويجب على أهل العلم أن ينكروها وأن يبطلوا هذه العادات ما استطاعوا".