للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم أورد الألباني الأدلة على اختصاص وضع الجريدة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ودلل عليه بحديث جابر - رضي الله عنه - الطويل في صحيح مسلم (٨/ ٢٣١ - ٢٣٦) وفيه قال - صلى الله عليه وسلم -: "إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يرد عنهما ما دام الغصنان رطبين".

ودلل عليه أيضًا بأن السلف الصالح لم يفعلوه ولم يشتهر عنهم فعله. فوضع الجريد على القبر خاص به - صلى الله عليه وسلم -، وأن السر في تخفيف العذاب عن القبرين لم يكن في نداوة العسيب بل في شفاعته - صلى الله عليه وسلم - ودعائه لهما وهذا مما لا يمكن وقوعه مرة أخرى بعد انتقاله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى ولا لغيره من بعده - صلى الله عليه وسلم - لأن الاطلاع على عذاب القبر من خصوصياته - صلى الله عليه وسلم -، وهو من الغيب الذي لا يطلع عليه إلا الرسول كما جاء في نص القرآن: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: ٢٦ - ٢٧]. . . وأما وصية بريدة فهي ثابتة عنه، قال ابن سعد في الطبقات (ج ٧ ق ١ ص ٤): أخبرنا عفان بن مسلم قال: ثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا عاصم الأحول قال: قال مورق: أوصى بريدة الأسلمي أن توضع في قبره جريدتان فكان أن مات بأدنى خراسان فلم توجد إلا في جوالق حمار. وهذا سند صحيح وعلقه البخاري ٣/ ١٧٣ مجزوما. قال الحافظ في شرحه: "وكأن بريدة حمل الحديث على عمومه، ولم يره خاصا بذينك الرجلين".

قال ابن رشيد: "ويظهر من تصرف البخاري أن ذلك خاص بهما، فلذلك عقبه بقول ابن عمر: إنما يظله عمله".

قلت (١): ولا شك أن ما ذهب إليه البخاري هو الصواب لما سبق بيانه، ورأي بريدة لا حجة فيه، لأنه رأي والحديث لا يدل عليه حتى لو كان عاما فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يضع الجريدة في القبر، بل عليه كما سبق، وخير الهدي هدي محمد" (٢).


(١) القائل الشيخ الألباني.
(٢) أحكام الجنائز ص ٢٠١ - ٢٠٣ باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>